السبت، 21 نوفمبر 2015

عن التفكير


عاطف الكومندان
--

كتبت فيما يربو عن عام منشورا علي "فيسبوك" ما نصه (" يقول ابن سينا عن التفكير إنه انتقال الذات العارفة مما هو حاضر إلى ما ليس بحاضر، قلت: وإن قرب هذا من الحد المعين للتفكير -وان كنا غير محيطين به- فلا أدل علي تجاوز الإنسان للبعد الواحد منه") .
وللحقيقة كان ذلك المنشور بمثابة فرصة ثمينة للتندر من قبل الأصدقاء بخصوص ما كتبته من "طلاسم" بحسب اعتقادهم ، وحين تذكرت هذا هممت بكتابة توضيح فكان ذلك المقال .
عنى الفلاسفة الإسلاميون بالتفريق بين نوعى العلم-الحصولي والحضورى- لدلالة ذلك على مرتكز أصيل في فلسفة المعرفة (الأبستمولوجيا) الخاصة بالفلاسفة المسلمين في عدم الاقتصار علي استمداد المعرفة عن طريق الحواس فحسب ، فعرفوا الحصولى بأنه ما يتحقق بحصول المعلوم علي ما هو عليه في الواقع الخارجى بصورته وماهيته ، والحضورى بما يتحقق معرفته بمراتب أولها إدراك الصورة الحاضرة من خلال وساطة الجوارح وثانيها إدراك الصورة المجسمة في خيال المتصوِّر تبعا للإدراك الحسي السابق وثالثها الإدراك الكلى للأشياء المجردة عن الجسمية بنحو عام لا الصورة المتعينة بنحو خاص (1) ، وهذا ما دل عليه كلام ابن سينا في أن التفكير حالة حضورية قبل أي شيء فاختار تعريفه بذلك لأصالة ذلك فيه .
أما عن الحد فقد قال الغزالي أنه "ما يشترط فيه بألا يشتمل إلا علي الذاتيات" (2) ومن يقدم عليه لا بد أن يكون خبيرا بالتفريق بين الصفات الذاتية والعرضية ، فالحد تعريف جامع لأجزاء الشيء الواحد مقتصرا علي ما هو ذاتى فيه مانع لدخول ماليس منه فيه [وهذا ما دل عليه قولى : وإن قرب هذا من الحد المعين للتفكير .... ] ، أى إن كان قد أصاب ابن سينا في حده للتفكير عين ما حُدّ له ، والحد لا يجوز أن يتعدد لأنه مختص بالذاتيات التى بدورها لا تتعدد فقد تختلف العبارة في الدلالة علي الشيء الواحد لكن لا يختلف كنهه ، من هنا ندرك صعوبة الحد من جهة التعيين لاشتمال ذلك علي ضرورة معرفة ثنائية ذوات الأشياء علي وجه الدقة ودلالات الألفاظ المناسبة لها إن وجدت ، ولهذا رد ابن تيمية قول المناطقة بأن التصورات غير البديهية لا تنال إلا بالحد وذلك استنادا إلي ما رآه من عجز أصحاب الصناعات المختلفة عن تصور الموجودات فضلا عن الإفادة بالتصديقات حيالها ، ومثال لذلك إطلاق حدهم للإنسان بأنه حيوان ناطق في حين أن النطق صفة يشترك فيها معه غيره (3) [وهذا ما ضمنته في الجملة الاعتراضية -وان كنا غير محيطين به-] .
ومما سبق ذكره يبدو أننا بصدد المقارنة بين ما هو إصابة من حد التفكير في كلام ابن سينا وما هو دون ذلك ، وما رنا إليه ابن سينا دالٌ دلالة صريحة على عدم اختزال الإنسان في بعده المادي فحسب لأن طبيعة عمل عقله مخالفة لذلك ، وحصرها هذا هو منتج الحضارة الغربية الفلسفى الأكثر تأثيرا ، فقد عملت على توطيده وتصديره وكان من مؤداه تشيؤ الإنسان واستعباده في أبشع الصور وعلي عدة أصعدة كانت اقتصادية ، سياسية ، اجتماعية ، فكرية ، بل وحتى فيما من طبيعته التجاوز (الدينية) ... إلخ .
فاستبطان تلك الفكرة في مقابل (البعد الروحى) كفيل ببؤس الإنسان وتخبطه ونفوره من طبيعته وما جُبل عليه ، وتحقيق السعادة مقرون بمدى قربه أو بعده من تلك الطبيعة فضلا عن إدراكه تبعا لذلك ما من شأنه وجود فضاءات أوسع من أمور الغيبيات والغاية التى وُجد من أجلها ومدي قدرته على التحصيل من أمر الموجودات والباب مفتوح للكثير والكثير من ثمرة ذلك [ وهذا معنى قولى :فلا أدل على تجاوز الإنسان للبعد الواحد منه ] ، وهذا ما يفسر لنا الإبادة المنظمة والممنهجة من قبل الحضارة الغربية للعناصر غير المرغوب بها -حسب ما تعتقد- كنموذج تفسيري حاكم وكامن داخلها ينبع من الإيمان بالإنسان باعتباره كائنا مقصورا على طبيعته المادية بعيدا عن أية مفاهيم متجاوزة لذلك ، وهذا ليس بالرغم من وجود الحداثة ولكن بسببها (4) ، والله الهادى.
....................
1- أصول المعرفة والمنهج العقلي أيمن المصرى ص 32
2- المستصفي الغزالى ص13
3- الرد على المنطقيين ابن تيمية ص50
4- الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان المسيري ص197
اقرأ المزيد »

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

رسالة الآداب


طاشكبري زاده (ت٩٢٨هـ)
---

أحمدُكَ اللهمَّ يا مجيبَ كلِ سائلٍ، وأصلي على نبيكَ المبعوثِ بأقوى الدلائلِ، وعلى آلهِ وصحبهِ المتوسلينَ بأعظمِ الوسائلِ، ما جرى البحثُ بينَ المُجيبِ والسائلِ.
وبعدُ فهذهِ رسالةٌ لخصتُها في علمِ الآدابِ مجتنباً عن طرفي الاقتصادِ: الإخلالِ والإطنابِ، واللهَ أسألُ أنْ ينفعَ بها معاشرَ الطلابِ، وما توفيقي إلا باللهِ عليهِ توكلتُ وإليهِ المآبُ.
اِعلمْ أنَّ المناظرةَ هي: النظرُ بالبصيرةِ مِن الجانبينِ في النسبةِ بين الشيئينِ إظهاراً للصوابِ.
ولكلٍّ من الجانبينِ وظائفُ، وللمناظرةِ آدابٌ.
أمّا وظيفةُ السائلِ فثلاثةٌ: المناقضةُ، والنقضُ، والمعارَضةُ.
لأنَّهُ إمّا أن يمنعَ مقدِمةَ الدليلِ، أو الدليلَ نفسَهُ، أو المدلولَ.
فإنْ كانَ الأولُ؛ فإنْ منعَ مجرداً أو بالسندِ فهوَ المناقضةُ، ومنها نوعٌ يسمى بالحلِّ وهو: تعيينُ موضعِ الغلطِ.
وأمَّا منعُهُ بالدليلِ فهو غصبٌ غيرُ مسموعٍ عندَ المحققينَ.
نعمْ قدْ يتوجَّهُ ذلكَ بعدَ إقامةِ الدليلِ على تلكَ المقدمةِ.
وإنْ كانَ الثاني؛ فإن منعَ بالشاهدِ فهوَ النقضُ.
وأمّا منعُهُ بلا شاهدٍ فهوَ مكابرةٌ غيرُ مسموعةٍ اتفاقاً.
وإنْ كانَ الثالثُ؛ فإنْ منعَ بالدليلِ فهوَ المعارضةُ.
وأمَّا منعُهُ بلا دليلٍ فهوَ مكابرةٌ غيرُ مسموعةٍ أيضاً.
وأمّا وظيفةُ المعلِّلِ: أمَّا عندَ المناقضةِ فإثباتُ المقدمةِ الممنوعةِ بالدليلِ أو بالتنبيهِ عليها.
أو إبطالُ المعلِّلِ سَندَهُ إنْ كانَ السندُ مساوياً له إذْ منعُهُ مجرداً غيرُ مفيدٍ.
أو إثباتُ المعلِّلِ مدعاهُ بدليلٍ آخرَ.
وأمّا عندَ النقضِ فمنعُ شاهدِهِ.
أو إثباتُ مدعاهُ بدليلٍ آخرَ.
وأمَّا عندَ المعارضةِ فالتعَرُّضُ لدليلِ المعارِضِ إذْ يصيرُ المعلِّلُ حينئذٍ كالسائلِ وبالعكسِ.
ثمَّ إنَّ مَنْ يكونُ بصددِ التعليلِ قدْ لا يكونُ مدعياً بلْ يكون ناقلاً عن الغيرِ فلا يتوجَّهُ عليهِ المنعُ بلْ يطلبُ منهُ تصحيحُ النقلِ فقط.
هذا الذي ذكرناهُ طريقُ المناظرةِ.
وأمَّا مآلُها فهوَ أنهُ لا يخلو: إمّا أنْ يعجزَ المعلِّلُ عنْ إقامةِ الدليلِ على مدعاهُ ويسكتُ وذلكَ هوَ الإفحامُ.
أوَ يعجزُ السائلُ عن التعرضِ لهُ بأن ينتهيَ دليلُ المعلِّلِ إلى مقدمةٍ ضروريةِ القَبولِ أو مسلمةٍ عندَ السائلِ وذلكَ هو الإلزامُ، فحينئذٍ ينتهي المناظرةُ إذْ لا قدرةَ لهما على إقامةِ وظائفِهِما لا إلى نهايةٍ.
وأمَّا آدابُ المناظرةِ فتسعةُ آدابٍ:
أنهُ ينبغي للمناظرِ أن يحترزَ عن الإيجازِ، وعن الإطنابِ، وعن استعمالِ الألفاظِ الغريبةِ، وعن المجملِ، ولا بأسَ بالاستفسارِ، وعن الدخلِ في كلام ِالخصمِ قبلَ الفهمِ، ولا بأسَ بالإعادةِ، وعن التعرضِ لما لا دخل له في المقصودِ، وعن الضحكِ ورفعِ الصوتِ وأمثالِهما، وعن المناظرةِ معَ أهلِ المهابةِ والاحترامِ، وأنْ لا يحسبَ الخصمَ حقيراً.
هذا غايةُ ما يرادُ في هذا البابِ ومِنَ اللهِ تعالى التوفيقُ لإظهارِ الحقِ وإلهامِ الصوابِ.
تمت
اقرأ المزيد »

الأحد، 8 نوفمبر 2015

مع الصادقين



محمد عطية
--
 
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (الآية ١٩١) في سورة التوبة ، ذكرها الله بعد انتهاء الحديث عن الثلاثة الذين خلفوا عن الغزو مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ، معاني تلك الآية تدور مع معاني الآيتين السابقتين لها وتعطينا العبرة والأمر الذي فيه نجاتنا.
فلما ذكر الله أن هؤلاء الثلاثة ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وعانوا ما عانوه بعدما أمر الرسول -صلي الله عليه وسلم- بمقاطعتهم وكانت تلك المقاطعة بمثابة التمحيص لهم حتى ظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه.
وهكذا تحقق معنى التقوى ، وحينها تاب الله عليهم كما تاب على رسوله والمهاجرين والأنصار وصاروا معهم مرة أخرى بعدما تخلفوا عنهم ، وقد جعل لنا ذلك الحدث موقفا عمليا تلخصه تلك الآية كعبرة لنا فيها الهداية والصواب .
فالتقوى والصدق من علامات المؤمن وأعماله القلبية والتي تظهر مع الاختبارات الشديدة مثل الجهاد في ساعة العسرة، قال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) .
وهكذا يظهر لنا معنى الصدق جليا ، فالصدق هو الإيمان ، و الإيمان تصديق بالقلب وعمل بالجوارح يصدق ما صدقه القلب ، ولهذا كان الشك نقيض الإيمان لأنه نقيض التصديق ، قال تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)، ولهذا أيضا تتفاوت مراتب المؤمنين وتتفاوت أجورهم ، فرب عامل يجازي بحسنة عشر حسنات ، ورب آخر يضاعف له إلى سبعمائة ضعف ، ورب ثالث يضاعف له كيفما شاء الله، وهم جميعا عاملون لنفس العمل لكن الأخير صدقه أعلى وإيمانه يزداد بدرجة أكبر، وقد يبلغ المرء بصدقه ما لا يبلغه عمله، فعن أبي ثابت سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». رواه مسلم.
فالحمد لله على نعمه أولا وآخرا .

اقرأ المزيد »

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

حديث الجارة (1)


عاطف الكومندان
--

وسيظل أكثر ما يخيفنى منك قولك "لا جديد"
وسأبقي دائما أنتظر منك الجديد رغم قولك هذا الذى لا يدفعك ضجري منه عن الكف عنه
سأظل متذبذبا بين احترام قلة تكلفك في اصطناع ما ليس بحادث وبين بغض ترفعك عن الرفق بحالي فيك
سأبقي أقول "سأبقي" و"سأظل" رغم انعدام يقينى في ذلك لعلك تأسين بي ..
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالي
......................

أبعث إليك مسألتى هذه أستفتك فيها في أحب المذاهب إليك في هواك ، فإن لي حالا في كل مذهب أخشي ان أضل هواك في حكمه في المذهب الآخر .
فمعتزلي أنا فيك في منزلة بين منزلتى الإفراط في الصبابة بك حد الذل و كبرياء أحفظ به عزتى المدعاة يبدو في تكلف عدم سفور ما أجد .
وخارجى أنا فيك فلا غلو في الهيام بك كمثل غلوى وما حرب أقيمت في نفس امرئ كمثل ما دار في نفسي من حروب ، تؤججينها وأخوضها وأتحمل كلفتها دما ودمعا وانا فرح مسرور لأنك من أشعلت جذوتها و لخوضي إياها كي يثبت ملكك علي قلبي .
ومرجئ أنا فيك حيث أنى لا أكفر في هواك إذا ما بدا منك ما يخالف شرع الهوى معتذرا بقولي أن لعل نكتة بيضاء في قلبك قد تبقينى في هواك .
وصوفي أنا فيك فما وجد كمثل وجدى ، وما طريقة إلا سلكتها للظفر بنظرة ، ولا وجود في حال إلا وسعيت لأجله ، ولا بلوغ مقام إلا و أجهدت قلبي المسكين كى أبلغه .
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
........................

وانقلبت فيك ثوابت وتناقضت لأجلك لوازم وليس هذا إلا لما أريد أن يكون لا لما هو في واقع مشاهد ، فما للثوابت والوقائع والمشاهدات عندي إلا الثورة والعصيان ، فسمائي من تحتاج الى غيث أرضك و قلبي من يحتاج الى دمع عينك ونفسي من تحتاج إلي أنات صدرك ، ولست أرضى بنكوث إلى أصل ولا استقرار لثورة ولا هدوء يريبنى ، فما وجدت في ضيق الحب إلا لمدافعة ما أخشاه فيك .
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
........................................
حفظت هواك في نفسي كحفظ روحي .. بل أكثر ، فما للروح منى نصيب كما لهواك منى ، لكنى خالفت ذلك في مجال ضيق كائن بين أضلعي ولم يتعد شغافها إلا كما تتعدي زفرة من قِدر يغلي ، نعم ضيق صدرى كما يبدو للناظر لكن سعته عندى حياة لي بعد حياتى فيك ، وما زاحمنى فيه إلا من يشاركنى البلاء فيك لمصابه الذي يشبه مصابي ، وها زفرة مع زفرة أبي فراس لعل القِدر يحنو علي صدري المسكين .. لعل :
أقول وقد ناحـــت بقربي حمامة & (مقالــة محــزون بقــلب بــالِ )
( بصوت يرج الصدر منى قائلا : ) & #أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
........................
كم أنت قاسية بأن تتركينى لتلهو بي "السيكا" فأظل فرحا مسرورا إلي أن تقذف بي"الصبا" إلي أسفل سافلين ، لكن سعادتى بأنى في مرماك -ولو معذبا- تجعلنى في وجد "البياتى" إلي أن يحن فؤادك لفؤادى فينادي عليه "بالحجاز" ليطير نشوانا و "النهاوند" يملؤ عليه دنياه ، فيُعمل فيه عُربا لقلبه و"عجما" لسلواه ، ويعلو علي مشهده "الرست" الجميل إيذانا بشدة حنينه لما يجتهد في سلوانه ولا يقدر .
فبكل مقام تريدينه وتريد أوتار قلبي الترنم به أغنيك :
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
.....................
رجائي فيك ليس بأكثر من أن يكون لصوتى الصارخ في البرية صدى ، وخوفي منك قيد أنملة تسفل فيها جبهتى ذات الأنفة ، وحبي فيك كمثل شمس ظهيرة سافرة يجد أثرها الناس جميعا إلاك ، وبغضي فيك كمثل قمر أغرته سحابة قاتمة بأن يمنع عاشقا رؤية معشوقه في صفحة وجهه .
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
............................
صفر اليدين بلا عِوز
لا أرتضي الإنقاذ من غرقي
ولكنى..
أرجو مياه الحب دافئة
تواسي قلبَ ملهوف ..
فيغرق بينها نشوان
.. ويعلو فوقها .. وهو الذي
بالأمس كان يُسلى قلبه الحيران
ويعلو فوقها أكثر .. يفارقُ موجها العالى
ويهمسها .. يقول لها :
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى
 
اقرأ المزيد »

بردة (كعب بن زهير)


كعب بن زهير
--

سبب تسمية القصيدة بالبردة:
كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، أبو المضرَّب. شاعر من أهل نجد، كان ممن اشتهر في الجاهلية.
ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم دمه،
فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته.

القصيدة:

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ ** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا ** إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً ** لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ

تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت ** كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ

شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ ** صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ

تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ ** مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ

يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت ** ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ

لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها ** فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ

فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها ** كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ

وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت ** إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ

كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً ** وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ ** وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ

فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت ** إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ

أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها ** إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ

وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ ** فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ

مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت** عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ

تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ ** إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ

ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها ** في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ

حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ ** وَعَمُّها خَالُها قَوداءُ شِمليلُ

يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ ** مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ

عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ ** مِرفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ

كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها ** مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ

تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ ** في غارِزٍ لَم تَخَوَّنَهُ الأَحاليلُ

قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها ** عِتقٌ مُبينٌ وَفي الخَدَّينِ تَسهيلُ

تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ ** ذَوابِلٌ وَقعُهُنُّ الأَرضَ تَحليلُ

سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَماً ** لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ

يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِماً ** كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ

كَأَنَّ أَوبَ ذِراعَيها وَقَد عَرِقَت ** وَقَد تَلَفَّعَ بِالقورِ العَساقيلُ

وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت ** وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا

شَدَّ النهارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ ** قامَت فَجاوَبَها نُكدٌ مَثاكيلُ

نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها ** لَمّا نَعى بِكرَها الناعونَ مَعقولُ

تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها ** مُشَقَّقٌ عَن تَراقيها رَعابيلُ

يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم ** إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ

وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ ** لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ

فَقُلتُ خَلّوا سبيلي لا أَبا لَكُمُ ** فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ

كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ ** يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ

أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني ** وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ

مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال ** قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ

لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم ** أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ

لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ ** أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ

لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ ** مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ

مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً ** جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ

حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ ** في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ

لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ ** وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ

مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً ** بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ

يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما ** لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ

إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ ** أَن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ

مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً ** وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ

وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ ** مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ

إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ ** مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ

في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم ** بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا

زَالوا فَما زالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ ** عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ

شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ ** مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ

بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ ** كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ

يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم ** ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ

لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ ** قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا

لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ ** ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ 
اقرأ المزيد »