الاثنين، 21 سبتمبر 2015

حديث الجارة (2)


عاطف الكومندان
--

ولطالما احتجت لحكيم يكف عنى عبثي ، ويضم ما في إلى ما فيه حتى رأيتك فتبدلت رغباتى حين تبدل قلبي الخالى 
حينها .. صرت أنت العابثة وأنا الحكيم الذى يراودك أن ترحمي قلبه بشيئ مما عند رزان طال عليها ليل الزمن وانقطع رجائها ممن تحب ، وليس ذلك إلا لرجائي أن يفرغ شيئا من قلبك ليحوى قليلا مما أريد كونه فيه .
#‏أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى‬ ؟
...............................................
طوبي لك يا من ظننت أنى لن أخالف عهدي في نضج ما يصدر عنى فكذب ظنى ، بل عدوى ذلك أصابت كل ما فىّ ..
فتارة أكون حيالك كطفل متلهف للعبة يلهو بها وما أنت بلهو وتارة أكون كشيخ ضعيف راج أن تميلين إليه لتعينيه علي نوائب الدهر ، وتارة أكون محققا في قولى مصيبا أكباد المعانى لا أبارى في طلاقة اللسان  وتارة أكون كنائم متكلم قلبه ولا يدرى ما يصدق لسانه على ما فيه ، وتارة أقول أن لقياك أشد علي من جفاك وتارة أقول ما تبت عن هواك لوهلة بقيت فيها في دنيا الناس .. وتارة وتارة
لكن حادثة يوقن بها قلبي دون هذا الزيغ الفائت أبوح بها ..
إن لي حياة فيك قبل حياتى ... إن لى موتا فيك بعد مماتى
#‏أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالي‬
...............................................
أفدي التى قضيت ما قضيت في تلمس ما طُبع في نفسي جراء لقياها و ما أصابنى من ذلك إلا العناء و الكد
فللحقيقة .. بحثي كان في مفقود ذهب معها والآن أبحث عنه قبل أن أبحث فيه.
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى ؟
...............................................
ولقد رأيتنى وما أطرب لسمعى من صوتك حين يهمس أذنى ..
نغمتك حين تحملينها علي الجد كى لا تحاكى ما بداخلك من رقة ،
جرس سينك التى تؤذن قلبي بالإنصات إليك وتمنيه أن لعل يوماً ينصتان معا أو يصمتان معا ..
الصهل الذي يؤنسنى أيما إيناس بأن أرهق صوتك كما قلبي المسكين قد أرهق ،
ردى على ما سلانى فلكل وقعٍ لحرف منك وقعٌ ...
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى ؟
...............................................
وما أوقف حينها رأسى ذاهلة عما ترى أن مبلغ غيرتى فيك تعدى وتعدى ، حتى أبى أن يستعير بيانى معنى لا تنتجه بنات أفكارى الخالصة كى أذكرك به !
أترى لأن لا مثيل لك أم لأن لا مثيل لما بى فيك ؟!
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى ؟
...............................................
أجارة مهلا بعض هذا التعلل .. وإن كنت قد أزمعت هجرى فاهجري
أغرك منى أن هجرك قاتلى .. وأنك مهما تطلقي القلب آسرى
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي .. بسهميك في أعشار قلبي المقفر
..
من وحي امرئ القيس حيث توحد الألم ..
#أيا_جارة_لو_تعلمين_بحالى ؟
اقرأ المزيد »

الجمعة، 18 سبتمبر 2015

تاريخ النقد (1)



البحر زيدون
--

النقد في اللغة يعنى الخدش أو اللدغ ، ونقد الدراهم وانتقدها أى أخرج منها الزيف ، ونلحظ أن الدلالة قد تغيرت من مجرد الخدش المادى إلى الخدش المعنوى وهو التفريق بين الجيد والقبيح ، و النقد كان ملازما للفن منذ نشأته ونستطيع القول بأن ازدهار علم النقد مرتبط بازدهار المادة الأدبية الواقع عليها فعل النقد ، فتعظيم العرب للشعر الذي يلحظ من قول عمر "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه" كان ملاصقا لهم بتعظيمهم النقد الأدبي في صورته غير الكائنة في هيئة قواعد ومذاهب مثلما عليه الحال الآن ، ومن أشهر من يروى في ذلك أن النابغة الذبيانيّ كانت تضرب له قبة من أدم بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها، فأتاه الأعشى فأنشده أول من أنشد ، ثم أنشدته الخنساء ، ثم أنشده حسّان :
 لنا الجَفَناتُ الغُرّ يلمعن بالضُّحى .. وأسيافُنا يقطرن من نجدة دَما
 ولدنا بني العنقاءِ وابنَي محرِّقٍ .. فأكرمْ بنا خالاً وأكرم بنا ابنما
قال النابغة: أنت شاعر لولا أنك قلت : ( الجفنات ) وهي من جمع القلة ، والأحسن لو قلت ( الجفان ) لكثرة العدد . - وقلت : ( يلمعن ) ( في الضحى ) ولو قلت ( يبرقن ) ( في الدجي ) لكان أبلغ -لأن الضيوف في الليل أكثر طروقا- ،وقلت أيضا : ( أسيافنا ) ولو قلت ( سيوفنا ) لكان أفضل ،وقلت ( يقطرون دما ) ولو قلت (يجرين ) لكان أفضل فجريان الدم دلالة على كثرة القتلى من الأعداء قال حسان والله أنا أشعر منك ومنها يقصد الخنساء فقال له النابغة : يا ابن أخي إنك لا تحسن تقول مثل قولي :
فإنك كالليل الذي هو مدركــي ..وإن خلت أن المنتأي عنك واسع
ومما يروى أيضا من أنه قد خرج عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وببابه وفد غطفان، فقال: أي شعرائكم الذي يقول:
 حلفتُ، فلم أتركُ لنَفسِكَ ريبةً … وليسَ وَراءَ اللَّهِ للمَرءِ مَذهب
 قالوا: النابغة يا أمير المؤمنين، قال: فمن القائل:
فإنّكَ كاللّيلِ الذي هوَ مُدْرِكي … وإن خَلْتَ أنّ المُنتأى عنكَ واسعُ
قالوا: النابغة يا أمير المؤمنين، قال فمن القائل :
أتَيتُكَ عارِياً خَلَقِاً ثِيابي … على خَوفٍ تُظَنّ بيَ الظّنونُ
 قالوا: النابغة يا أمير المؤمنين! قال: هو أشعر شعرائكم وغير ذلك الكثير من الروايات التى تحفل بها كتب التراث في بيان علو الحس النقدى عند العرب الجاهليين تبعا لبلوغ الشعر العربي حينها مبلغ من الإتقان لم يُسبق والذي استدعى بعد ذلك التحدي لهم بنزول القرآن الكريم لأنه من جنس ما هم متفوقون فيه .
اقرأ المزيد »

الخميس، 17 سبتمبر 2015

الطفلة الكبيرة



سمية رضا
--

وأرى نفسى والايام تمر وأنا مازلت افكر ... أرانى أول أمس .. قد كنت أضحك أكثر ارانى البارحة قد صار ثغرى اضيق ... لايقوى على ضحكتى ارانى اليوم وانا انغلق فمى واصبح حتى غير قادر على الكلام ... أرانى أحلم أن أعود طفلة مرة أخرى طفلة .. بريئة ... مشاكلها بسيطة تضحك الكبار .. تعتبرها مشاكل تحزن .. تقابل اصدقائها اليوم الذى يليييه ... تنسى كل ما حدث ما أجمله من نسيان تلعب .. تجرى ... تقفز ف كل الانحاء .. غير عابئة بما حولها من مصادر اكتئاب أو هم أو حزن
انظر الى نفسى وها أنا كبرت وقد اثقلتنى همومى وتفكيرى وووزنى للامور وتدقيقى ف كل كلمة ف كل فعل .. كنت قديما لا أعبأ بكل ذلك .. كنت سعيدة ...
انظر من حولى من جديد أرى أطفال أكبر همومهم أن يشتروا لعبـــة ... تسعدهم .. أو قل تطلق الطاقة من داخلهم ... فارى الأولاد يفرحون بالمسدسات .. أفكر لماذا أنتم فرحون به بهذه الطريقة .. أوتعلمون لو كان الأمرحقيقا .. ماذا أنتم فاعلون به ... فى ماذا تفكرون وكيف تفرحون .. أعود لأرى بنات تمسك بدمية وكأنها امتلكت الدنيا وما فيها ... ترعاها وتسهر عليها
هؤلاء ... لا يفهمون مشاكل آبائهم .. او بالأحرى لا يعرفوها .. لذلك هم سعداء .. أنقياء ... لم تأخذهم الدنيا فى دواماتها .. لم تلوثهم .. لم تنجس فطرتهم لم ترم بهم فى هوة التفكير والهموم والأزمات ... لم تعرفهم على المنافقين وأصحاب المصلحة
كم أن حياة الاطفال نقيه كم احلم أنا أن أعود إليها كم احلم أن ينفتح ثعرى من جديد وأضحك بكل حرية
أنا الطفلة الكبيرة
 
اقرأ المزيد »

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

شوق يتجدد وقهر لا ينتهى

 محمد مندور
--


تستيقظ مبكرة كما جرت العادة في مثل ذلك اليوم .. كانت قد أعدت الزاد سلفاً استعداداً لسفرها .. لم يضفي كون اليوم أول أيام عيد الأضحى شيئاً على أجواء اليوم بل ربما زادها حزناً ممزوجاً برغبة في انفراجة لا تأتي . . بدأت في ارتداء ثيابها طبقة فوق الأخرى رغم حرارة الجو وطول السفر إلا أن يد التفتيش أحر دائماً على جسدها من نار متقدة . . ! بدت أميرة في زيها حيث كان فضفاضاً يبدي حسناً لا تراه الأعين حيث أن أصحاب هذا الذوق الرفيع من النساء غالباً ما يغضون أبصارهم متمنيين من الله أن يرزقهم زوجة في حسن روحها .. بدأت رحلتها راضية مطمئنة يهفو قلبها لرؤية الأحباب رغم طول الطريق أخذ شوقها الذي تزايد في الأيام الماضية يخبرها أن الرحلة المتجددة أوشكت على الانتهاء .. بعد عناء الانتظار الطويل وأصابع التفتيش التي تفترس جسدها دائماً وتفترس في أغلب الأحوال جزءاً مما تحمل من طعام .. بعد عناء سماع خليطاً من جميع الألفاظ النابية والشتائم التي حواها قاموس تلك الطبقة المتدنية من البشر أو أشباه البشر .. استطاعت أن تراهم وحتى رؤيتهم تلك قد عانت في جعلها في ذات اليوم أيام وليال . خرجوا إليها في أحسن هيئة تطالعهم هي من بعيد حتى وصلوا إليها .. الأب والأخ .. هدأت أشواقها برؤيتهم وتعانقت أرواحهم سوياً لم يبد في عينيها سوى شوق شديد وقد استطاعت إخفاء كل شيئ أخر ، أما هم فقد أفصحت دموعهم في نهاية الزيارة عن ما يسمى قهر الرجال .. فهم يعرفون جيداً كم المعاناة التي تتكبدها لتحظى برؤيتهم دقائق معدودة وكم حثالة البشر التي تُجبر على التعامل معهم لتجتاز الأسوار التي تحجزهم عنها لدقائق .. غلبتها دموعها في رحلة العودة ما بين شوق يتجدد وقهر لا ينتهي .. إلا أن الحياة تبدي دائماً غاية قسوتها في عز لحظات حاجتك .. كانت مطالبة بأن تغدو طبيعية حتى لا تثقل على والدتها المريضة والتي كانت تسارع الطريق لتصل إليها حتى تراعها وتطببها .. هكذا أيامها ما بين أخ وأب وصديقة ومجتمع طاله الظلم في جيمع جوانبه .. تتذكر في نهاية يومها كونها آمرأة مجاهدة لو وجد في بلدها بضع رجال لما تكبدت تلك المعاناة .. !
 
اقرأ المزيد »

الأحد، 13 سبتمبر 2015

ما وراء اللاعنف

أحمد مصطفى
--

يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن "حرب اللاعنف" أو "المقاومة السلمية" أو "حرب الصدور العارية" و هي مصطلحات تشير إلى النهج الذي يتبنى استراتيجيات التغيير السياسي و الاجتماعي التي تنبذ العنف و تتبنى بدلا منه مجموعة من الوسائل السلمية كالعصيان المدني و التظاهر و الاعتصام و الخ.. لتحقيق التغيير. لن أطيل الحديث عن تفاصيل "حرب اللاعنف" و تكتيكاتها و مراحلها و تاريخها فقد نشرت في ذلك كتب و دراسات كثيرة جدا، لكن ما سأحاول الوقوف عليه هو البعد الفلسفي و الأخلاقي لحرب اللاعنف فهذه من وجهة نظري هي نقطة الانطلاق الصحيحة لتقييم أية فكرة من حيث صلاحيتها أو عدم صلاحيتها قبل التطرق للجانب الواقعي.

لقد عقد "علي عزت بيجوفيتش" مقارنة بين الإسلام - بوصفه دينا شاملا لأمور الدنيا و الآخرة معا - و بين المسيحية - بوصفها دينا مجرد يقتصر على الخلاص الأخروي - و كان مما ذكر من محاور الاختلاف بين الإسلام و المسيحية موقف كل منهما من استخدام العنف، أما المسيحية فرسالتها تدعو إلى المسالمة و نبذ العنف بكل صوره و أشكاله "فالمسيحية والدين (المجرد) بصفة عامة – من حيث معارضتهما للعنف – لا يمكن لهما التأثير في أي شيء من شأنه أن يُحَسِّنَ من وَضْعِ الإنسانية من الناحية الاجتماعية، فالتغيرات الاجتماعية لا تأتي بواسطة الصلوات والأخلاقيات (وحدهما) وإنما عن طريق قوة مُدَعَّمَة بالأفكار أو المصلحة" و مما ورد في هذا المعنى في "الكتاب المقدس" : "أحبوا أعداءكم و باركوا لاعنيكم" و "لا تقاوموا الشر، و من لطمك على خدك الأيمن فقدم له الآخر أيضاً" اهـ.

يتضح مما سبق أن فكرة نبذ العنف نبذا مطلقاً هي فكرة مسيحية بامتياز تتسق مع كون المسيحية دينا مجرداً يعنى بإصلاح النفس البشرية فقط بمعزل عن الحياة الاجتماعية، و هذه الفكرة أيضاً توجد في الأديان المجردة الأخرى فعلى سبيل المثال تظهر مبادئ اللاعنف في الفكر الديني الهندي بقوة و تعد أفكار غاندي عن "اللاعنف" امتداداً لها في فلسفته المسماة "الساتياغراها" و هي أسلوب للنضال عن طريق اللاعنف و الكفاح المدني و تعد البداية الحقيقية لفكرة "حرب اللاعنف" في الفكر السياسي المعاصر، كما أن هذه الفلسفة ألهمت كلاً من "مانديلا" و "لوثر كينج" في نضالهما السياسي. لم يكن غاندي ينظر إلى اللاعنف بوصفه خياراً استراتيجياً أو تكتيكياً فقط، بل كان ينظر إليه كخيار أخلاقي، فاستخدام العنف من وجهة نظره ليس أمراً عادلاً تحت أي ظرف من الظروف كما أنه لا يؤدي إلى نتائج عادلة فـ"الوسائل للنتائج، كالبذرة للشجرة".

لا بد أن نذكر أيضاً أن "اللاعنف" الذي استخدمه غاندي ضد الاحتلال البريطاني للهند كان أمراً مرحباً به بشكل أو آخر من قبل البريطانيين في ظل المقاومة الإسلامية التي كانت موجودة في الهند إبان الاحتلال و التي كان غاندي أحد أسباب فشلها و احتوائها بحراكه "السلمي" الذي أدى في نهاية الأمر و بعد رحيل الاحتلال البريطاني ظاهرياً إلى تقسيم الهند و القضاء على الوجود الإسلامي فيها و في ذلك يقول الأستاذ أنور الجندي رحمه الله: "لقد كانت دعوة غاندي إلى ما سماه اكتشاف الروح الهندي الصميم، والرجوع إلى الحضارة الهندية، هو بمثابة إعلان حرب على الحضارة الإسلامية التي عاشت على أرض الهند أربعة عشر قرناً، وغيرت كل مفاهيم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بل إنها قد غيرت مفاهيم الهندوكية نفسها".

ما حدث في الهند قبل عقود تحت راية "اللاعنف" يحيلنا إلى الواقع مرة أخرى، و يساعدنا على تفسير هذا الاحتفاء الغربي الكبير بفكرة اللاعنف حتى أن هناك العديد من المراكز البحثية و منظمات المجتمع المدني الأمريكية و الأوروبية أنشأت خصيصاً لدعم حراك التغيير "السلمي" في دول العالم الثالث من أجل تحقيق "التحول الديمقراطي" مثل معهد "ألبرت أينشتاين" و "صناع السلام المسيحيين" و "منظمة اللاعنف العالمية" و غيرها من عشرات المنظمات التي تنفق ملايين الدولارات في هذا المجال، كما أن هذه المنظمات توفر دورات للنشطاء السياسيين في مختلف الدول بما فيها الدول العربية و الإسلامية من أجل النضال ضد الدكتاتورية و تحقيق الديمقراطية، كما أن هناك منظمات عربية أيضا تعمل في نفس المجال.

في تقديري هناك العديد من الدوافع التي تحرك الغرب لدعم فكرة اللاعنف لا سيما في الدول العربية و الإسلامية منها محاربة أفكار التغيير المسلح التي تتبناها التيارات الإسلامية الجهادية - و التي تهدد مصالح الولايات المتحدة بشكل مباشر - كما أن هذه الحركات التي تبنت الحراك المسلح للتغيير السياسي في الدول الإسلامية شكلت الحاضنة التي خرجت منها حركات "الجهاد العالمي" و حركات المقاومة المسلحة في مختلف الأقطار الإسلامية و التي تعد الخصم الأول للولايات المتحدة في "الحرب غلى الإرهاب"، فوجود بديل لفكرة التغيير المسلح و نجاح هذا البديل و دعمه داخلياً و خارجياً هو أحد استراتيجيات الخرب على الإرهاب. كما أن أحد الدوافع التي تحرك الغرب لدعم فكرة اللاعنف عالمياً هو أن فكرة السلمية فكرة رأسمالية بامتياز لأنها تتيح فرصة للتغيير السياسي الظاهري فقط و الغير مؤدلج مما يقطع الطريق على أي ثورة أيديولوجية تتبنى أيديولوجيا ضد الرأسمالية كالاشتراكية على سبيل المثال.

و قد أثبت التاريخ أن "الثورات السلمية" و الغير جذرية لا يمكن أن تؤدي إلى تغيير حقيقي سياسياً و اقتصاديأً و اجتماعياً يؤدي إلى التحرر من التبعية للغرب، لكنها تتيح فقط تغيير أشخاص النظام السياسي الموجود بالفعل و في أحسن الأحوال تؤدي إلى استبداله بنظام أقل قمعاً - من الناحية الظاهرية - و أقل فساداً و ربما أكثر استناداً على الرضاء الشعبي لكنه بحال من الأحوال لن يكون نظاماً تحررياً و إلا سيتم إجهاض تجربته عاجلاً أم آجلاً نتيجة لعد قدرته على المقاومة و الصمود.
اقرأ المزيد »

الجمعة، 11 سبتمبر 2015

عن معرفتنا



عاطف الكومندان
--

إن المسألة الأساسية في كل فلسفة هى مسألة بدايتها(1) ، ومن المقرر عند الأكثرية من أصحاب الفلسفات أن المدخل (المعرفي/الابستمولجي) هو أقصر الطرق لبيانها ومنهجها وبنيانها ، وبحكم كون الإسلام مشتملا على رؤية كونية للحياة والكون والإنسان كان مستندا إلى رؤية واضحة المعالم مطردة لوازمها متباينة عن مثيلاتها فى أمر المعرفة، فقد قرر الفصل بين الوجود الذهنى والوجود الخارجى من حيث قرر المثاليون التماهي بينهما وقرر الماديون حصر التصور الذهنى في كونه انعكاسا للوجود الخارجي ، والمعرفة في الاسلام متمايزة بالتوافق بين مصادرها (2) ، فمن حيث أخطأ الحسيون في نفيهم ما يختص به العقل من التجريد والأحكام الكلية وأخطأ الذين يشككون في الحواس من العقليين، أجاد هو في تحقيق التكامل بين ما يختص به العقل وما تختص به الحواس ، يقول ابن تيمية "إنما يحصل العلم به -أى النظر العقلى- بعد العلم بالحس ، فما أفاده الحس معينا يفيده العقل والقياس كليا مطلقا ، فهو لا يفيد بنفسه شيئا معينا ، لكن يجعل الخاص عاما والمعين مطلقا ، فإن الكليات إنما تعلم بالعقل ، كما أن المعينات تعلم بالحس (3) ، فمع أن الحواس ليست آلة للتمييز بل للإدراك لن تستطع المعرفة العقلية مجردة أن تتم إلا بضرورة المطابقة بين إدراك المحسوسات والواقع الخارجى ، ومن حيث اختصت الحواس بالإدراك اختص العقل بمهام تتعلق بتجريد المعانى الكلية وتعميم الأحكام وأصبح بإمكانه إدراك العلاقة -السببية- بين الضرورة العقلية والغيب الممكن عقلا، خاصة مع توافر المبرر الحسى بثبوت المعجزات الدالة على وجود الأخير ، يقول الغزالى "وأكثر الموجودات معلوم بالاستدلال عليها بآثارها ولا تحس ، فلا ينبغي أن يعظم عندك الإحساس والتخيل وأن ما لا يتخيل ليس بموجود" (4)، فحتى في مفردات العلم الحديث توضع للضرورات العقلية كافة الاعتبارات بإثبات وجود بعض الظواهر بآثارها -كحركات الألكترونات والأشعة- وإن لم يعرف عن كنهها أبسط معرفة ، فكيف ينكر هذا فيما دلت عليه مشاهدات الكون كلها وشهادات العقلاء ومعجزات الأنبياء ؟! الحاصل أن الذهن يعجز عن إدراك كنه الغيب بالحس وقد أفاد مفكرو وفلاسفة الإسلام في بحوثهم إلى محدودية العقل في إدراك مجموعة متنوعة من الإدراكات والحقائق مثل الأمور والقضايا الغيبية أو قضايا الألوهية والنبوة والروح .... إلخ (5) ومن هنا جاء الوحى مصدرا سمعيا للمعرفة البشرية وبدا افتقار الانسان إلى استمداد المعرفة الغيبية منه فحسب ، يقول سيد قطب عن بعض المتفلسفة أنها "ظلت تجاهد بعقولها المحدودة من ذات الله والمعرفة الحقيقية المغيبة عن غير طريق الكتب المنزلة ، وكان منهم فلاسفة حاولوا تفسير هذا الوجود وارتباطاته ، فظلوا يتعثرون كالأطفال الذين يصعدون جبلا شاهقا لا غاية لقمته، أو يحاولون حل لغز الوجود وهم لم يتقنوا بعد أبجدية الهجاء! وكانت لهم تصورات مضحكة -وهم كبار الفلاسفة- مضحكة حقا حين يقرنها الإنسان إلى التصور الواضح المستقيم الجميل الذى ينشئه القرآن ، مضحكة بعثراتها ، مضحكة بمفارقاتها ، ومضحكة بتخلخلها ، ومضحكة بقزامتها بالقياس إلى عظمة الوجود الذى يفسرونه بها (6) ، ومما سبق يبدو تمايز الإسلام -والإسلام وحده- عن غيره بتصور مطرد متعاضد في أمر المعرفة ومصادرها فى نظم متعاقب متين ، محدثا نظاما صالحا لكل المتغيرات ومصلحا لكل التخبطات ، من حيث أن الاستقرار على رؤية معرفية كهذه هو المكون الأكبر في إيجاد منهج للاستدال على نفس الشأن من الوفاق والاتساق ، وبحيث يكون عصيا على الاختراق في ظل اضطراب الأفكار في بحار الزيغ والإنكار .. والله الهادى .


_____________________________________________________


1 - ما هى المادية روجيه جارودى ص5


2 - انظر المعرفة فى الإسلام مصادرها ومجالاتها عبد الله القرنى ص25


3 - درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ج7ص274


4 - معيار العلم للغزالى ص63


5 - نظرية المعرفة فى الإسلام دراسة مقارنة جعفر عباس حاجى ص242


6 - فى ظلال القرآن سيد قطب 3731
اقرأ المزيد »

هوامش على كشكول الصراع

 

مصطفى حجازي
-- 

توازن الرعب : في الحرب العالمية الثانية قصف الأمريكان "هيروشيما" و "ناجازاكي" بالقنابل النووية ولم يفعلوا ذلك في "برلين" النازية مع إنها كانت الأخطر في هذه المرحلة لا كما يشاع بسبب فقط عنصرية الرجل الأبيض التي منعته من ضرب أبناء عرقه ووجهته لجزر أصحاب العيون الضيقة بل أيضًا بسبب شك قراصنة واشنطن الذين وصلوا لهذا السلاح بواسطة أيادي ألمانية مهاجرة بالإساس في أن يكون الرايخ الثالث قد سبقهم لهذا السلاح فيعني إستخدامهم له ضده إنتظار ضربة إنتقامية مماثلة لما يقتضيه قانون نيوتن الثالث للحركة القائل :

"لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الإتجاه "

لذا كانت إمبراطورية اليابان هي الهدف منزوع الأسنان والحقل معدوم الحراس لإجراء هذه التجربة دون الخشية من نتائج سلبية علي المجربين ...

تمر السنوات و تستمر الحرب الفيتنامية الأمريكية فترة الستينات ولا تستطيع أمريكا المضي قدمًا في خطة الجنرال " مكارثي " لإجراء ضربات نووية علي ما يقارب الثلاثين منطقة في آسيا لإيقاف الخطر الأحمر وصنع إنتصار لليانكيز علي رجال حروب العصابات الفيتكونغ في فيتنام والكوريين في بيونغيانع ليحفظ ماء وجوههم المراق من قبل علي سواحل الكاريبي و في غابات أمريكا اللاتينية ....

لكن أمريكا التي تعلم جيدًا أن "ستالين " لم يترك الميدان الاحمر قبل أن تمر فيه من أمامه صواريخه العابرة للقارات القادرة علي حمل رؤوس الموت النووية تعدل عن هذه الإقتراحات المجنونة لـ"مكارثي" خاصة بعد أن دخلت واشنطن ونيويورك في مظلة قدرة الردع السوفيتية في حادثة الصواريخ الكوبية -نشرت كوبا الثورة منصات صواريخ سوفيتية قادرة علي حمل رؤوس نووية علي أراضيها- الأمر الذي جعل صانع القرار الأمريكي يفضل ترك فيتنام للشيوعيين علي أن يعيش إحتمال -مجرد إحتمال- أن يكون طرفًا في حرب نووية شاملة ...

الأمر نفسه تكرر مع أرض الحكام المعاتيه المعروفة بكوريا الشمالية و المحاصرة منذ عقود ولا تستطيع أمريكا مع ذلك شيها بنارها المبالغ في قوتها لا لشيء إلا خشية سلاحها النووي الضعيف مقارنة بتكنولوجيا هذه الأيام ....

الأمر إذًا هو خلق حالة ما من الرعب المتبادل ....نوعًا ما من مباريات التحمل يكون فيها إصبع كل خصم تحت أضراس خصمه ليزيد كل منهما قوة ضغط فكه علي أصبع عدوه كلما ضغط عدوه علي أصبعه .....

الأمر الذي وعاه رجال الطليعة المسلمة المجاهدة في أواخر التسعينات فوحدوا تنظيمين من أكبر تنظيمات المجاهدين علي وجه الأرض وأنتجوا مشروعًا يعمل علي نقل المعركة لدول المركز تحت عنوان بسيط جدًا في ألفاظه معقد وعميق للغاية في معانيه ومدلولاته ....

شعار المقايضة علي الحق في الحياة الآمنة الذي لخصه الداعية له بقسمه الشهير :

"أقسم بالله العظيم الذي رفع السماء بلا عمد، لن تحلم أمريكا ولا من يعيش في أمريكا بالأمن قبل أن نعيشه واقعا في فلسطين، وقبل أن تخرج جميع الجيوش الغربية من أرض محمد صلى الله عليه وسلم "

الإستنتاج الذي يجب أن نصل له في النهاية من كل هذا أن الظالم يستمر في ممارسة ظلمه علي المظلومين طالما لم يبادروه برد فعل قوي يجعله يضع نتائجه علي طاولة حساباته ... في غياب هذا الرد الذي يصنع توازنًا في حالة الرعب بين طرفي الصراع سيظل الطرف الأضعف مجرد كيس للملاكمة لا قيمة له إلا تقوية الطرف الظالم و مساعدته في تضخيم عضلات ذراعيه إستعدادًا للمعركة الفاصلة مع عدو جدير بمنازلته ....

إما عن كيف يكون رد الفعل بين الطرفين غير المتكافئين فهذا حديث آخر يطول بإذن الله ......

#يتبع #من_أجل_معركة_لانخبوية
اقرأ المزيد »

بين العاطفة والشهوة



إبراهيم هلال
-- 


يبدو للوهلة الاولى ان فيلم التوازن – Equilibrium - ذو نمط متشابه مع باقى الأفلام الأجنبية، والغريب عن البيئة الشرقية والعربية – الإسلامية خاصة - الأفلام أيضًا تحتوى على أفكار تبدو غريبة وغير واقعية بالنسبة لشخص يعيش فى الوطن العربى الإسلامى
فالكائنات الفضائية والوحوش والأناسىّ الآليين غير مألوفين هنا !
غير أنه عندما أدمن الرجل التلفاز فهو قد اعتاد على كل شئ غير مألوف دون أن يسمح لعقله الواعى بأن يترجم الأفكار !
فى الفيلم المدعو Equilibrium
يظهر البشر أنهم قد سأموا من الحروب والصراعات والنزاع
واكتشفوا أن تلك الحروب هى قرارت صدرت عند الغضب أو هى ترجمة مادية للشعور بالانتقام
هو ذلك الشعور ..قوة العاطفة تحرك البشر نحو أشياء إذا اكتملت فقد تدمر العالم
فقرر البشر أن يكون مجتمعهم أملسًا ، خاليًا من أى عاطفة
ساعدهم فى ذلك تقدمهم العلمى واستخدام المادة بطرق متقدمة وحديثة
ابتكروا مصل يمنع الشعور، كل الشعور وأى شعور
لا حزن لا غضب لا حب لا انتقام لا فرح لا ندم .....
وقرروا أن يحرقوا كل شئ يتصل بالروح أو الفن أو يتصل بأى شعور أو يولّد أى شئ من العاطفة
ظهرت خلفيات ذلك المجتمع صماء بلا أى نقش أو شئ يعبر عن الفن
الآن الرجال فى مهمة خطرة !!
فقد اكتشفوا مخبأ للخارجين على القانون يخبأون فيه لوح فنية قديمة
وصل العميل المكلف بالمهمة للمكان واستطاع أن يقضى على الخارجين ببراعة شديدة
وحرقوا كل اللوح الفنية
يستمر الفيلم ويقتل العميل صديقه لانه اكتشف أنه يقرأ كتاب
ثم يقبض على امرأة وجدوا تحت بيتها غرفة تمتلئ باللوح الفنية
أحرقوها فى الفرن
ثم تمر الأيام وتتناوب الأفكار فى رأس ذلك الشخص
ويمتنع عن أخذ المصل المقاوم للشعور يوما بعد يوم
ثم يقرر هذا الشخص أن يتعاون مع الخارجين ويقتل الرئيس الأب
وينتهى الفيلم بأن ذلك المجتمع انهار تمامًا، وخرج الناس من القيود ليحيوا حياتهم الطبيعية فيحزنوا ويفرحوا
بيد أن الفيلم قد اظهر هؤلاء الخارجين فى مشهد ( بار) يمتلئ بالرجال يرقصون فى أيديهم زجاجات الخمر والنساء بملابسها المكشوفة
الفيلم قد عقد مقارنة بين المجتمعين فمجتمع اللاشعور الناس فيه يلبسون البدل لا يبتسمون، يؤدون عملهم بإتقان ويصلوا دائما فى مواعيدهم
مجتمع متقدم فعلا تتحكم الاله فى كل شيء، بل إن الإنسان تحول الى آله !
أما المجتمع العادى فهو مجتمع فوضوى تتحكم الشهوات فى الرجال والنساء
يرقصون ويغنون بلا قيود وبلا حساب
وقرر الفيلم أن المجتمع الثانى انتصر لإن الإنسان لا يستطيع مقاومة الشعور بالعاطفة طويلا
يعتقد الناس فى المجتمع المادى انهم عندما قضوا على العاطفة والجمال فإنهم قد أقروا السلام وأنهوا الصراع وانتهت المشاكل
لكنهم فى الحقيقة كانوا يحاربون العدو الخاطئ
كانوا يحاربون الفن والجمال ولكنهم تركوا الشهوة
لم يستطيعوا أن يقضوا على الشهوة والغرائز بداخلهم
استمروا فى الزواج وجمع المال والبحث عن السلطة
وأصبحت الشهوات هنا مجردة من العواطف
اما المجتمع الذى انتصر لم يكن مجتمعا مثاليا ايضا
وذلك يظهر فى مشهد (البار) الذى ذكرته من قبل
الشهوات هنا ممزوجة بالعاطفة
والفن
واذا كان مجتمع الآلات والمادة مليء بالقيود
ليس به أى مساحة للحرية
فإن المجتمع البشرى هو الآخر مليء بالقيود الشهوانية والغريزية
إننا لا نرى الأشياء على حقيقتها بسبب تلك الشهوات وهذه القيود

نرى الجمال فى غير صورته ولا نرى القبيح قبيحا
كم زوج هو غير سعيد مع زوجته وأصبح لا يراها جميلة
كم شخص تغيرت رؤيته للأشياء عندما فكر بشكل مختلف أو مع مرور الزمن
الشهوة تمنح القبيح طبقة من الجمال وأحيانا تسلب الجمال حقه !!
هذه الطبقة مزيفة لذلك سرعان ما تتلاشى بعوامل الطبيعة
الشهوة قيود على الإنسان حين يستطيع أن يتخلص منها سيرى كل شيء فى صورته الحقيقية سيرى الجمال ينبثق منه القبح، والقبح يحتوى على الجمال خارج نطاق المادة
أما الشهوة فهى تتخذ العاطفة سلاح أو مبرر أو غطاء لكن العاطفة تستطيع ان تستقل عنها وتنتصر عليها
كم سألت نفسى ؟؟
كيف كان سينظر الرجال والناس لبعضهم البعض إذا اختفت الشهوة بينهم ؟؟
كيف ستنظر إلى نظام الزواج وحقيقته وجوهره إذا اختفت الشهوة ؟؟

المجتمع الذى تسيطر عليه الشهوة يفقد روحه وأخلاقه ومبادئه وضميره ومعاييره وتصبح الشهوة غاية وكل شيء وسيلة للحصول عليها
المجتمع كله أصبح بائعًا ومشتريًا وسلعةً
عندما فقدت الروح مكانتها عند البشر
وأهمل البشر طرق سمو روحهم
وتدنت الروح رويدا رويدا فقددت صلتها بجوهر الروح العظمى
وحينها جهلت الصورة الحقيقية للجمال
فقدت النور وتاهت فى ظلمات العالم تتخبط
تبحث عن ملاذ لها
فلا تجد إلا الظلام ..وتصبح لذة الشهوة قصيرة وحسرة الندم لا تنقطع
ولكن السؤال ... هل يمكن للعاطفة ان تستقل عن الشهوة ؟؟؟
اعتقد أنهم دائما ما يتقاطعا ! لكن مصطفى محمود عندما تكلم عن العاطفة والشهوة - كتابه : أناشيد الإثم والبراءة - فهمت أن قوة العاطفة تستطيع أن تنفصل عن الشهوة عندما نفكر بأرواحنا فى أن الجمال مستمد من الله، حينها منحنى العاطفة يصل إلى درجة تظهر فيها الشهوة، فيكون الزواج حينها مثالى، أما أنك تفكر بشهواتك فتعشق ذلك الجسد إلى أن تحصل عليه ثم ينتهى كل شيء
فاعلم أنك أسير شهواتك

اقرأ المزيد »

من شعلة إلي ريحانة


أحمد فرج
--
أحبيبتي خجلى
ككوخٍ في الشتاء
يعانق البرد الشقي
و يشتهي جسَّ الأنامل
و تجعدت أحلامنا
في وصفِ ما تبدو الحقيقةُ
حيث تهربُّ من لقاء العينِ خائفةً تماطل
تبكي لتجمع حولها دوامتين من الخلود
و ثغرها العذري يقطع ما تبقي - عند إصبعها - الجدائل
يسطو علي متن الحضور حضورها
و الشمسُ إن غابت تغيَّب نورها
و هي التي بالأمس حُبلي بالقنابلْ
أحبيبتي هذي قلائدهم دعيها و امنحي
فصل الغياب .. تميمةً تمحو التساؤل
من لي لأتبع خافقيهِ النور ضنَّ،
و لم يعد في الوِسعِ .. نورٌ كي نقاتلْ
ماتت .. حبيبتيَّ الجميلة أخبروني
باللهِ من سيعيد توحيد القبائل
--
أحبيبتي هذي شموعي كلها
أشعلتها .. بدمي ملاءاتٍ حزينة
و البحرُ كيف البحر أصبحَ لا يغني
للأهلَّةِ.. أو يغني للسفينة
و أنا أنا .. لا أحملُ الأوطان في كفي
و لست من سيجيبه
إن عاد يلقي مَدَّهُ حتي أعينه
يبكي و لكن من تراه يعيره قلباً : لكي يُلقي أنينه
--
ما عاد في الدنيا جمالٌ يغتفر
ذبح الملاك علي جريش الثلج فانهال المطر
دقت نواقيس القيامة
بدلوا الأدوار
سيصير الثعلب ديكاً
و يصير الليل نهار
دقت نواقيس القيامة بدلوا الأدوار
الموتُ سيصبح أضحيةً عند الثوار
و صليل السيف سيشبعه زخم الأشعار
و سيولد في رحم الذكري ميلاد النار
أماه
هل يا تري يبكي القدر
يبكي لموت أيائل ذُبحت علي التلة
يبكي لموت ولي
فهل سيبكي علي
قولي له هلا
--
الليلُ دفء كفّه في وجهي المحترق
آن الأوان بنيتي لن نفترق
اقرأ المزيد »

فى حب الأوغاد الصِغار


عماد رشاد

--

كم هى خانقة أجازة العيد لرجل يعشق عمله

اشتقت إلي أولئك الكائنات الصغيرة المدهشة ذوات الكفوف الناعمة وبراءة الضحكات والدموع

عملٌ هو الشغف، محض الشغف، لو بقيت أعمله لقيام الساعة دون مقابل لسرني فما بالك وقد أنعم الله عليك أن تمارس شغفك وتحصل علي أجر عليه أيضا

لك أن تتخيل هذه المضغات الصغيرة حديثي الولادة بغلافهم الشمعي ووضعهم الضفدعي ومواءهم الرقيق

تخيل طفل عمره أربعة أشهر تلمح فيه شخصية مستقلة عنيدة .. توقن من داخلك " هذا الطفل سيكون له شأن ما ".. تخبر الأم فتكاد تزغرد

تخيل لماضة بنات المدرسة الابتدائية وانت بتعاكسها وبتبوس ايديها وتنغزك وتقولك عيب

تخيل تمرد الاولاد بتوع التلاتاشر سنة وهو فرحان بنبتات شعرية رقيقة موضع شنبه ومعترض انه داخل عيادة اطفال وبيطالب بتخصص خاص للمراهقين بين الأطفال والباطنة

تخيل ذاك الطفل المقتحم غرفتك وسط الصريخ والدموع متشنجا أو في انغلاق حنجري أزرق وفاقدا للوعي والاستجابة تحمله غريزة الأم النائحة متعلقة برقبتك ترجوك نجدته .. وبعد بضعة دقائق تنكب بضحكتها علي رأسك تقبلك وهو يقف بجوارها ممسكا بذراعها .. لأنك منحته قطرات وريدية خففت نوبته

تخيل بكاءك علي أحد أحباءك من ذوي الامراض المستعصية وهو يقف علي الحافة بين الموت والحياة يصارع .. وقد عجزت علوم الأرض علي أن تمنحه مزيد وقت

تخيل وجودك في جنازة طفل لم يتجاوز العشرة أعوام أصر والده أن تضعه أنت في قبره لأنه كان يحبك ويعتبرك صديقه الأجمل في مرض موته

تخيل كل زجاجات البرفانات التي تملأ أدراجك، قبيحة الرائحة، أصر أطفال لم يتعودوا بعد إدراك جاذبية العطور أن يمنحوك اياها

تخيل إصرار البنوتة المتفوقة الأولي علي أحد مدارس العجمي أن تحضر أنت - طبيبها - حفل تكريمها ثم تمنحك شهادة التقدير الأصلية لتزين بها عيادتك

تخيل كم القلائد والميداليات منزلية الصنع التي لضم حباتها الرخيصة أطفال أصروا أن يمنحوك هدية خاصة صنعوها بأيديهم

تخيل كم الشخبطات والرسومات الساذجة علي أوراق كراسات الرسم تظهر فيها انت طويل نحيف بأذنين كالقرود .. في مخيلة أطفال عاجزة عن تحويلك لبورتريه ... تمتلأ بها مكتبتك

تخيل رجاءات هؤلاء العفاريت لئلا تكتب لهم في الروشتة علي إبرة .. وهم يغازلونك بنفعية الأطفال الخبيثة .. " انت طيب وحتكتبلي علي دوا طعمه حلو .. صح ؟! " ...

تخيل مكالمات هاتفية بلغات طفولية غير مفهومة لأطفال أجبروا ذويهم أن يتصلوا بدكتورهم ليلة العيد

كم احبكم أيها الأوغاد الصغار
اقرأ المزيد »

اليقين



عمر علي كامل
--  

هذا أبي ،

عن اليقين:
 
جالسته يومًا فقلت له رحمه الله ورضي عنه:

كيف تصل إلى حد اليقين بالله وفي الله؟

فقال رحمه الله ورضي عنه:

إنما أنت عبد ...

فقلت: فماذا؟

فقال رحمه الله ورضي عنه:

إن علمت أنك عبد، وأنه سيدك، وأنه متصرف فيك كما يشاء، وفي 
الوقت الذي يشاء، على الوجه الذي يشاء، فاعلم:

أنك ملزم بالطاعة،

ثم إذا نهاك عن أمر فاعلم أنك ملزم بتركه،

ثم إذا أباح لك شيئًا فاعلم أنه محض منة وفضل منه،

فإذا كافأك على شيء، فليس باستحقاقك إياه، إنما هو محض 
تفضل وكرم زائد منه تبارك وتعالى،

فإذا زاد في العطاء، زدت في الشكر،

فإذا حجبه عنك لمدة فلم يكن من حقك ابتداء حتى تحزن على 
حجبه انتهاء،

فإذا صرفه عنك بالكلية، فقد كافأك بما لا تستحق مدة من الزمان، 
يأخذها وقتما يشاء، ويتركها لك كيفما يشاء...

فإذا أمرضك أو كتب عليك الضراء، فاحمده واشكره على ما سبق 
من السراء، واعلم أنه أبقى لك غيرها،

فإذا ضاعت عينك فقد ترك لك الأخرى،

وإذا ضاعت كلاهما، فقد ترك لك باقي الجوارح،

فإذا ضاعت الجوارح كلها، فقد ترك لك قلبا مؤمنا،

فإذا قبضك على هذه الحال فقد قبضك لنعيم لا ينفد وجنة عرضها 

السموات والأرض أعدت للمتقين، ولم تكن بعملك أيضا إنما هي محض 
منة وفضل ورحمة منه تبارك وتعالى، وإنما أعمالك فقط تؤكد امتثالك 
لسيدك وطاعتك له...

فإذا علمت كل هذا، فكيف بمن وعدك جنة الفردوس خالدا مخلدا 
فيها، وهو-سبحانه- غير ملزم بأن يكتب لك نعيما لا ينفد،

فالسيد الجبار المتكبر الخالق لا يلزمه شيء، إنما هو محض كرم 
منه وتفضل على عباده...

إن فهمت كلامي، فكيف حالك الآن أيها العبد ؟

،،، هذا أبي
 
اقرأ المزيد »